للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "وينقسم الكلام إلى تمن، وعرض، وقسم":

السر في إعادة الفعل في قوله وينقسم أيضاً؛ للإشارة إلى أن منهم من اقتصر في تقسيمه إلى ما تقدم من الأربعة، وهو منقول عن القدماء؛ ولما كان يرد على التقسيم هذه المذكورات أراد رحمه الله بذلك الإشارة إلى هذين المذهبين (١).

قوله "تمن" هو: كلام دال بالوضع على طلب ما لا مطمع فيه أو ما فيه عسر والرجاء، طلب الممكن.

قوله: "عرض": هو كلام دال بالوضع على الطلب برفق ولين نحو ألا تنزل عندنا.

قوله: "وقسم": هو كلام دل على اليمين.

فائدة: من المعلوم أن الأفعال تنقسم إلى: ماض، ومضارع، وأمر، ولكن لا يستعمل في جميع العقود والطلاق إلا الماضي؛ فتقول: بعت، واشتريت، ووهبت، ووقفت، وأسلمت، هذا مما لا خلاف فيه.

أما إذا جاءت بصيغة المضارع أو الامر فمحل خلاف، ولم يستعمل المضارع إلا في أشهد في باب الشهادة. قال الزركشي: " فأما المضارع: فلم يستعمل في الشرع في شيء أصلا إلا في لفظة " أشهد " في الشهادة، فإنها تعينت ولم يقم غيرها مقامها، وكذلك في اللعان سواء قلنا: إنه يمين أو شهادة، أو فيه شائبة من أحدهما، ويجوز في اليمين: أقسم بالله وأشهد، ولا يتعين. وأما الماضي: فيعمل به في الإنشاءات كالعقود والطلاق.

وأما فعل الأمر: فهي مسألة الإيجاب والاستيجاب في العقود والطلاق، فكذا يعمل به في كل موضع يعمل بالماضي على الصحيح" (٢).


(١) راجع البحر المحيط ١/ ٤٤٠ وما بعدها والشرح الكبير لابن قاسم ١/ ٣١٨.
(٢) البحر المحيط في أصول الفقه (٣/ ٣٨).

<<  <   >  >>