للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفساد الأمر، إسنادَ الأشياء إلى غير أهلها. وذلك قوله: "إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" (١).

ولا يقف اختيار العامل المسلم، ولا إسناد الأمر إليه عند الحد الذي وصفنا، حتى يلتزم بما أمر الله به، ويحافظ على الكليات الخمس التي عمت كل الشرائع واتفق عليها الناس جميعهم. فتلك المحافظة هي التي تقي الناس العدوان، وتمنعهم الظلم، وتحقق لهم المقاصد، وتجلب لهم المصالح، وتدرأ عنهم المفاسد.

ومن كريم صفات العامل أن يخشى الله ويتقيَه. قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (٢)، وقال جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٣).

وقد أتيحت للعامل فرص الاكتساب بمعونة الله وفضله. فعليه أن يستقيم كامل الاستقامة في أموره كلها. فيؤدي عملَه على الوجه المطلوب غير منقوص ولا معيب، وبدون غش أو خيانة، لأي سبب من الأسباب التي تحمل على الانحراف عن الحق. فإن الواقع في هذا واقع في الحرام، لا يُبعد عنه أخطار التجاوز في العمل بما يسيء به إلى الناس، ولا ينجيه من عقاب الله إلا أن يضع نصب عينيه قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (٤). وتتطلب هذه الأنواع من السلوك الإخلاص والإتقان في العمل. فالله يوفي المستقيم أجره.


(١) ملا قاري. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ٥٤٣٩.
(٢) سورة فاطر، الآية: ١٠.
(٣) سورة الكهف، الآية: ١١٠.
(٤) سورة سبأ، الآية: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>