للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر أن الذي نبّههما إلى الترك بعد الإقدام ما كان عليه طلبتهم من سوء فهم، فإن عقولهم ومداركهم لم تمكّنهم من ذلك، كما أنهما ذَكَرا ما يقتضيه إصلاح خير الدين، ونص عليه القانون في الباب الثاني، الفصول ٧ - ٢٢ المتعلقة بالمنهج وبواجبات الأستاذ. ونص ذلك: "أن يضع المدرس نفسه في مستوى سامعيه، ويجعل لغته وتفسيره في متناول ذكائهم ودرجة تعلُّمهم"، إذ القصد تبليغ المعلومات إلى الطلاب وإفادتهم بها، لا الإغلاق على قلوبهم، والتعالي عليهم لإبهارهم، أو إظهار التنافس بينه وبين غيره من الأساتذة والمدرّسين.

وهكذا بعلم وافر غزير، وتطلّع إلى الإصلاح كبير، امتزجت حياة مترجَمنا رحمه الله في مراحل العمر كلها. وكانت وجوه تصرّفاته ومختلف نواحي أنشطته وأعماله متّسمة بالرصانة العلمية، والاستقلالية الفكرية، والالتزام بأحكام الشريعة والدين، والبصر بآيات الله في الكون، والتفتّح على ما يجري في أطراف العالم، وحبّ الخير للكافة، وبذل الجهد فيما ينفع الناس، وتدفّق العطاء. نلمس ذلك كلّه في حياته العلمية والإدارية والقضائية، وفي إنتاجه المتنوِّع الغزير.

[درجاته العلمية وعمله في التدريس]

تقلّب الشيخ ابن عاشور في مراتب التدريس. ففي سنة ١٣٢٠/ ١٩٠٣ نجح في مناظرة الطبقة الثانية وتولّى مهام التعليم بصفة رسميّة بالجامع الأعظم.

وبعدها انتدب للتدريس بالمدرسة الصادقية في عام ١٣٢١/ ١٩٠٤، وبقي بها ١٣٢١/ ١٣٥١ - ١٩٠٤/ ١٩٣٢ خلا فترة مباشرته للقضاء.

وفي سنة ١٣٢٤/ ١٩٠٥ شارك في مناظرة التدريس للطبقة الأولى بجامع الزيتونة. وكان درسه في تلك المناظرة في الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>