للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو القائل الموقن بما يقول: إن مزية العلم، وشرفَ الانتساب إليه، أمرٌ بلغ من اليقين والضرورة مبلغاً يقصر عنه البيان، وينتقص قدرَه محاولةُ إقامة البرهان، بعد أن توّجه الله تعالى بكتابه الكريم، وهو الذي علّم من لم يكن يعلم، وزكّى رسوله بأنه على خلق عظيم، وصراط مستقيم فقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (١)، قولاً جعل طلب العلم، والحرصَ عليه، والاستزادة منه أعظم مطلوب لأشرف موجود. وهكذا كان العلم تاجَ نبوته، وشعارَ ملّته ... وإني لأحمد الله على أن جعلني لا أتعلق بشيء من المناصب والمراتب تعلّقي بطلب العلم، ولا آنس برفقة ولا حديثٍ، أُنْسِي بمسامرة الأساتيذ والإخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حُبِّبَ إليّ شيءٌ ما حُبِّبتْ إليّ الخلوة إلى الكتاب والقرطاس، متنكّباً كل ما يجري حولي من المشاغل.

[ج - حركة الإصلاح الشامل]

بعد هذه الكلمة الموجزة عن حياته، تولّينا الحديث عن حركة الإصلاح التي كان مترجَمُنا مسؤولاً عنها، وعن تحقيق نتائج جهوده فيها بإسناد رئاسة الجامع الأعظم له، وقيامه بما يعزّزها في المجالات المختلفة. فكان ما بين غابط وحاسد فيما ظهر فيه باعُه، وحقّقه من إنجازات رائعة، ارتفع بها ذكر الزيتونة في الداخل والخارج، وأصبحت تُدعى بين الكثير من الناس بالقبلة العلمية الإفريقية التي يقصد إليها أهل العلم ويؤمُّها الطلاب من أطراف البلاد.

وقد صوّرنا في هذا الباب ردود الفعل المتعاقبة، من ألوان


(١) سورة طه: الآية ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>