للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالناس من الله. فتصرّف المرأة في مالها غير موقوف على إجازة زوجها، والحرّية في عمل المرء المتعلّق بعمل غيره، الأصلُ فيها أنّها مأذون فيها إذا لم تكن تضرّ بغيره.

ومن حرية الأعمال ما يلزم المرء به نفسه بموجب حرية تصرّفه في العقود والالتزامات لمصلحة يراها على التفصيل بين ما يجب عليه من ذلك في حال التعاقد القولي، وبين ما لا يجب إلا بالشروع في العمل. والحرية ليست مطلقة بالنسبة للمؤمن بل يكون ملزماً في واقع الأمر بإقامة المصالح إذا عُيّن لها كما في فروض الكفايات. ويقع تعزيره عند التفريط. فيجب عليه الضمان، ويكون معرضاً للعقوبة بدون قبول توبته كما في الحرابة، أو بعدَ الاستتابة كما في الردة (١).

ومنها حرية العلم والتعليم والتأليف. وفي ظل هذه الحرية أينعت حضارة الإسلام فأبدى الناس آراءهم، ونشروا فتاواهم ومذاهبهم، ونقلوا إلى عامة الناس تجاربهم وعلومهم. ولم يكن في ذلك موجب لمناوأة أو عداء. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورُبّ حامل فقه إلى من ليس بفقيه" (٢).

[تعريف المصلحة والمفسدة]

ويختلط المقصد بالمصلحة في الاستعمال. فيذكر أحدهما بمعنى الآخر. ولرفع كل لبس عقد الإمام فصلاً للتعريف بالمصلحة والمفسدة، نقل فيه تعريفين: الأول للعضد من شرحه لمختصر ابن الحاجب الأصولي، والثاني للشاطبي من موافقاته. وأتى هو بتعريف


(١) المقاصد: ٣٨٠ - ٣٨٢.
(٢) انظر المقاصد: ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>