للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثلاث ملاحظات]

١ - تقديم الأهميّة العارضة على الأهميّة الأصلية في {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

أثار هذا البناء للآية تساؤلاً لدى علماء البلاغة وأهل اللسان، عن موجب صرف الاهتمام بالحمد وإلى الحمد أولاً، مع أن ذكر اسم الجلالة أهم وأولى بالاهتمام وبالتقديم بلا منازع.

استشعر الإمام بحسّه المرهف وحُسن ذوقه هذا التساؤل فأجاب عنه بكلام مفصّل تناول ثلاثة جوانب:

الأول منها: أن الفاتحة أم الكتاب، الجامعة لمعانيه، والمقدّمة لما أنزله الله من الوحي في القرآن العظيم. تقع منها وفي بدايتها هذه الجملة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} في مقام اقتران الحمد بما أنعم به الله على عباده من آلاء، أجلّها وأولاها بالشكر هذا الكتاب، المصدّق لما بين يديه والمهيمن عليه، والذي جعله الله هدى وبينات للناس. فالحال حال حمد. وهذا مقامه. ومراعاة الحال والمقام مقتضية بل مُفضية بدون شك إلى ذكر الحمد أولاً. وتلك حقيقة البلاغة، وما ينبغي أن يَلتزِم بمراعاته المتكلمُ البليغ.

والثاني: بيان هذه النعمة الجليلة، نعمة تنزيل القرآن الذي فيه نجاح الدارين. وذلك ما يجعلها منّة من أكبر ما يحمد الله عليه من جلائل صفات الكمال، خصوصاً وقد أنزل هذا الكتاب متميّزاً بما تضمّنه واحتواه من كمال اللفظ والمعنى والغاية، وجعله متبادراً إلى الذهن عند ابتداء سماعه أو ابتداء تلاوته، مذكراً بما لمنزله تعالى من الصفات العليّة المستوجبة للشكر والمنبّهة إلى وجوب الحمد.

فذلك ما دعا أولاً إلى تقديم الحمد غير ملابس لما يوذن

<<  <  ج: ص:  >  >>