للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت الغاية من هذا العلم أساساً ضبط القواعد التي يستطيع العالم بها فهم أدلة الشريعة، ثم استخدَامها لاستمداد الأحكام الشرعية منها. وربما ثَنَّوا على هذا بأنه بحكم بحثه في الأصول والقواعد العامة يمكنه جمع ما تتفق عليه الآراء بين الفقهاء ودفع الخلاف في الفقه.

هذا وقد مرّ علم أصول الفقه بمراحل كان في أوّلها في كتب السلف صوراً من الجدل الفقهي. فمسائل الأصول والجدل كان مخلوطاً بعضها ببعض، ولم يظهر هذا العلم متميّزاً ومفرداً بالتأليف إلا في رسالة الإمام الشافعي. وتعدّدت المحاولات فيه للكشف عن الأصول وضبطها في مختلف المذاهب. وظهر كتاب الإشارة للباجي. وبدت التصانيف في هذا العلم متنوّعة بين شافعيّة ومالكية وحنفية، وما يكثر فيها الحجاج ككتب الباقلاني والغزالي والباجي، وأخرى سلك أصحابها سبيل الإيجاز والاختصار كملخّص القاضي عبد الوهاب ومختصر ابن الحاجب.

[وضع علم أصول الفقه]

ومثلما عرضت للفقه وغيره من العلوم جوانبُ الضّعف كالتي فصّلنا القول فيها قبل، نجد علم أصول الفقه قد تأثّر في تأخّره ببعض ما أوردناه من الأسباب العامة مما نبّهنا عليه في علمي التفسير والفقه. وأبرز هذه الأسباب:

أولاً: تأخّر تدوين هذا العلم عن علم الفقه، فجاءت قواعده أحياناً مخالفة للفروع بحسب تباين المذاهب. ومن ثم ظهرت في أقوال العلماء سمات الاطِّراد والاختلاف والنقض بين تلك القواعد ومسائل الفقه عندهم. ولا يصحّ هذا بعد إمعان النظر، وإنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>