للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوادث والسنين إلى الاقتصار على الجانب العملي النفعي منه، وهو معرفة أحوال الأمم والدول وأسباب النهوض والسقوط لديها، فيكون ذلك طريقاً للاعتبار، ويفيد منه الدارس نظراً واقتداء واتقاء، تماماً كما يقدّمه لنا القرآن الكريم للاتِّعاظ بما سيقت القصة التاريخية لأجله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (١). وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٢).

[العلوم الفلسفية والرياضية]

يُنهي الشيخ ابن عاشور رحمه الله نظرته إلى العلوم ونقدَها، بالحديث عن فنون كادت تكون أجنبية، أو هي أجنبية عما يدرّس ويتلقّى من تكوين ومعارف بالجامع الأعظم. وفي هذا الفصل على قصره يشعر القارىء من جهة بالحسرة والتبرّم، ومن أخرى بالحرص والتطلّع.

حسرة وتبرّم بما كان يعوز التعليم الزيتوني من تدريس للمواد الفلسفية والرياضية. والجامع الأعظم هو المدرسة الكبرى الوحيدة للتعليم في البلاد بالحاضرة وأطراف الإيالة. وهو بمعزل عن علوم كثيرة نافعة، كأنها غير ذات جدوى بالنسبة للطلبة وسكان البلاد.

ولعل من أهم الأسباب في ذلك أن الكتب القليلة الموجودة كانت في محتواها مقصورة على ما هي عليه في لغة اليونان، وأن الكتب الموضوعة للتدريس قديمة لم تبق مناسِبةً لزمننا. وقد حصلت في موادها تغييرات وتطوّرات كثيرة لم تظهر في الكتب العربية


(١) آل عمران: ١٣.
(٢) القصص: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>