للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الحاجة إليه في حصول التفاهم؛ كبحث أحوال (ما) وورودها في الكلام بمعانٍ مختلفة من تعجب واستفهام ونفي ونحوه. فإن هذا التمييز بين أحوالها في الاستعمال يمكن أن يقتنص من سياق الكلام، ومما يبرز فيه من قرائن وعلامات.

وفي مقابل هذا ركّز المؤلف على أن طلب علم النحو كان من أجل التعرّف على وجوه تحسين الكلام. وذلك ما ظهر في أجلّ طور من أطوار ارتقاء اللغة العربية، ومن ثمّ كانت بداية علم البلاغة والاشتغال بعامة فنونها.

وأما علم الصرف فهو الأدخل في علوم اللغة. فإن المتكلم بها من غير إتقانه والإلمام به لا يتمّ له ما يريد من استعمالها، ولا يحصل له ذلك إلا مع طول معاناة.

تأخّر علوم العربية وأسبابه

إن أسباب اختلال هذين العلمين وانحطاطهما مع تطوّر الأزمنة واختلاف المراحل التي أقبل فيها الطلاب على معرفة فني النحو والصرف فهي:

أولاً: إطالة المباحث في العلمين بتبيين العلل والأسباب. وهو ما أقبل عليه الدخلاء على اللغة المعنيون بضبطها المضطرون إلى التأمل في دقائقها. فإن ذلك يجمع عليهم المتفرّقات، ويهديهم إلى خبايا تذكّرهم عند النسيان، وتكشف لهم أسرار الاختلاف عند الاشتباه. وقد نبغ في هذا المولدون من العرب كالخليل بن أحمد والموالي كسيبويه.

لكن الاشتغال بذلك في كل مراحل التعليم موجب للتشويش على الأذهان. فكانت النتائج عقيمة. فإن الطلاب كانوا يتخرَّجون،

<<  <  ج: ص:  >  >>