للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "ما هو بحرام، ولكنه لم يكن من طعام قومي فأجدني أعافُه" (١).

ومما قدمنا يصبح من الموقَن به أن كل ما لا ضر فيه ولا فساد ولا قذارة مباح أكله. ولكنه قد تكون مضرّته خفيفة فيكره؛ مثل أكل ذي الناب من السباع في مذهب مالك وأشهر الروايات عنه.

وقفّى الشيخ ابن عاشور على هذا بذكر المباحات مع إخضاعها لاختلاف العوائد بين الناس. فتساءل عن سبب الامتناع من أكل لحم الأسد وهو لا ضُرّ فيه. وذكر ما هو محرّم كالذي جُهلت صفاته وحرّمته الشريعة كلحم الخنزير، وجعلَ من المباح: أكل الخشاش والحشرات والزواحف البرية والبحرية، فحظُّ الناس منها مقترن بما لهم من عادات في ذلك. وهذا الموضوع ممّا يُتساءل عنه كثيراً، ويختلف الأمر فيه بين الأقوام في مناطق المعمورة.

[الرحمة]

الوصف الثالث، هو عنوان الرحمة للأمة الإسلامية ومدعاةُ بين ويسر في معاملاتها وتشاريعها ووضع الإصر عنها.

بدأ صاحب التحرير بشرح المركب الإضافي "وضع الإصر" جاعلاً الكلمة الأولى بمعنى الحطَّ وهو مجاز في الإبطال، والكلمتين معاً بمعنى ما كان من إبطال التشريعات السابقة لِمَا فيها من شِدّة.

وسَنَدُ هذا البيان قواعد الاستعمال في اللغة. ووفقها حرر كلمة "وضع" وبيّن وجه تعديتها إلى المفعول الثاني، مفرّقاً بين تعديتها بفي أو بعن أو بعلى (٢).


(١) خَ: ٦/ ٢٠١؛ مَ: ٢/ ١٥٤٣.
(٢) التحرير والتنوير: ٩/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>