للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالث جاء فيه: المصلحة كاسمها شيء فيه صلاح قوي. وهي وصف للفعل يحصل به الصلاح؛ أي النفع منه دائماً أو غالباً للجمهور والآحاد (١).

ثم أضاف إلى ذلك ذكر أنواع المصلحة فشرح الوضع وحل المشكل بقوله: إن المصالح كثيرة، متفاوتة الآثار قوة وضُعفاً في صلاح أحوال الأمة والجماعة، وإن المعتبر منها ما نَتَحقّق أنه مقصود الشارع. فالمصالح كثيرة منبثّة. ومقصد الشارع لا يجوز أن يكون غير مصلحة، ولكنه لا يلزم أن يكون مقصوداً منه كل مصلحة. ثم عقّب على قوله هذا بأن من حق العالم بالتشريع أن يَخْبُرَ أفانين هذه المصالح في ذاتها وفي عوارضها، وأن يسبر الحدود والغايات التي لاحظتها الشريعة في أمثالها وأحوالها إثباتاً ورفعاً، واعتداداً ورفضاً، لتكون له دستوراً يقتدى، وإماماً يحتذى (٢).

[المصلحة والمفسدة محضتان خالصتان ومشوبتان مختلطتان]

المصالح والمفاسد نوعان: الأول كونهما محضتين خالصتين، والثاني كونهما مشتركتين مختلطتين. وقد انقسمت الآراء في ذلك شطرين بين فريقين:

الفريق الأول: ومن أعلامه القرافي والشاطبي كانا يريا مصالح هذا العالم ومفاسده لا توجد إلا مختلطة. وحجة الأول في ذلك قوله الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (٣). وقد أوضح القرافي رأيه هذا بقوله: إن استقراء


(١) المقاصد: ١٩٩ - ٢٠٠.
(٢) المقاصد: ٢٣٠ - ٢٣١.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>