للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإذعان من غير جلب مصلحة غير مصلحة الثواب، وفي درء مفسدة غير مفسدة العصيان، فتحصّل من هذا أن الثواب قد يكون على مجرد الطواعية من غير أن تحصّل تلك الطواعية جلب مصلحة أو درء مفسدة سوى مصلحة أجر الطواعية (١).

وكما اتضح ما بين المذاهب من اختلاف في القول بالتعليل ينبغي أن نرتِّب على ذلك اختلافها في العمل بالقياس.

[حكم القياس]

ذهب الجمهور إلى القول بالتعبّد بالقياس عقلاً. وهو قول الأئمة الأربعة وأكثر الفقهاء والمتكلمين. وبه قال السلف الصالح من الصحابة والتابعين. واختلفوا في التعبّد به شرعاً.

فالأكثر على ثبوته بدليل السمع، وقيل: بدليل العقل. ويشهد لهذا قول الباجي: والدليل [العقلي] على جواز التعبّد بالقياس أنه ليس في التعبّد به وجه من وجوه الإحالة يُعلمُ بضرورةٍ من تجويز الجمع بين الضدّين، وكون الجسم الواحد في وقت واحد في مكانين مختلفين، وكون الخبر الواحد صِدقاً كَذِباً، وقلبُ الأشياء عن معانيها، وإخراجُ الأشياء عن صفات أنفسها. وما لم يكن فيه وجه من وجوه الإحالة [هذه] وجب أن يكون جائزاً (٢).

وفصّل الغزالي القول في ذلك فقال: إن الذي ذهب إليه الصحابة بأجمعهم وجماهيرُ الفقهاء والمتكلمين من بعدهم أن التعبّد به شرعي. وأنكر أهل الظاهر وقوعَه، بل ادَّعَوا حظرَ الشارع له (٣).


(١) القواعد: (٢) ١/ ٢٨.
(٢) الباجي. الإحكام: ٥٣١/ ف ٥٦٨.
(٣) المستصفى: ٢/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>