للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن صور الرواج: انتقال الأموال بين أيدي كثير من أفراد الأمة بالتجارة لما يترتب عليها من أعواض. وكان العرب يحرّمون التجارة في الحج، إذا دخل شهر ذي الحجة، بأسواقهم. فأبطل المولى سبحانه عادتهم بقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (١) أي في موسم الحج (٢).

استنفادُ بعض الثروة:

ربط الشيخ هذا الموضوع بالرواج. وتوسع في هذا الغرض فجعل من الاستنفاد للمال ما يصلح أن يكون طريقاً من طرق الرواج. وهذا كالنفقات الواجبة على الزوجات والقرابة. وكذلك نفقات التحسين والترفيه. وهي وسيلة عظيمة لانتفاع الطبقتين الوسطى والدنيا في الأمة من أموال الطبقة العليا. وهي عون عظيم على ظهور مواهب الصناع وأصحاب الفنون في تقديم نتائج أذواقهم وأناملهم. وهذه النفقات هي المشار إليها بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٣). وقوله - عز وجل -: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} (٤).

وفي هذا الإذن الإلهي، وفيما يمارسه الناس من أعمال تجارية وفلاحية وصناعية ما يحمل على طلب المقصد الشرعي وتيسيره بجعل الأموال دُولة بين الناس، يعين على دورانها بين آحاد الأمة: إحكام التوزيع والالتجاءُ في المعاملات إلى الطرق الواضحة المشروعة.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٨.
(٢) المقاصد: ٤٥١؛ التحرير والتنوير: ٢/ ٢٣٧.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٣٢.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>