للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاطبي في آخر كتاب المقاصد بكلام أرى من المهم إثبات خلاصته باختصار" (١).

[انصباب تكاليف الشريعة على العبادات والمعاملات والعادات]

إن تكاليف الشريعة منصبّة على العبادات وعلى المعاملات والعادات. والفرق بينها في ذلك أن الأصل فيما يتعلق منها بالعبادات التعبّد دون الالتفات إلى المعاني. ودليل ذلك الاستقراء، والمفهوم من حكمة التعبّد العامة، هو الانقياد لأوامر الله تعالى وإفراده بالخضوع والتعظيم لجلاله والتوجه إليه. وكون التعبّد لم تقصد فيه التوسعة لعدم وجود أدلة من الشارع تقيّدها كما في العادات، وعدم الاستناد بالخصوص عليه دون ما شابهه وقاربه وجامعه في المعنى المشهور من الأصل المنصوص عليه. ولا يُعدَل عن هذا في العبادات إلا أن يتبيّن لنا بنصّ أو إجماع معنى مراد في بعض الصور، والمناسب معدود فيما لا نظير له. وهو الوصف الذي اعتبر محققاً للحكمة في العبادات. ومن الأدلة على هذا أن وجود التعبّدات في أزمنة الفترات لم يهتدِ إليها العقلاء اهتداءَهم لوجوه معاني العادات.

وأما الأصل في العادات فهو الالتفات إلى المعاني والتعليل والقياس، وأن العلّة المطلوبة في أمور العبادات هي مجرد الانقياد من غير زيادة ولا نقصان، بخلاف العادات وكثير من العبادات؛ فإن لها معنى خاصاً: هو ضبط وجوه المصالح، وتعذر الرجوع إلى أصل شرعي. وكل ما ثبت فيه اعتبار التعبّد فلا تفريع فيه. وكل ما ثبت فيه اعتبار المعاني دون التعبّد فلا بد فيه من اعتبار التعبّد (٢).


(١) المقاصد: ٦٤.
(٢) الموافقات: (٣) ٢/ ٣٠٠ - ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>