للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتمّ للكلام حسنه وبلاغته إلا باجتماع شرف لفظه وشرف معانيه.

[عمود الشعر]

أُطلق هذا العنوانُ قبلُ عند أبي الحسن الآمدي في موازنته، كما ذكر ذلك لنا الإمام الأكبر. ومحصله عنده أنه الأسلوب الذي سلكه فحول الشعراء من عهد الجاهلية وما بعده في بلاغة الكلام وإحسان المعاني، والبعد عن التكلّف، وتجنّب استكراه الألفاظ والمعاني. ولعله مأخوذ من قول البحتري في مقارنته بين شعره وشعر أبي تمام: "أنا أقْوَم بعمود الشعر، وأبو تمام كان أغوص على المعاني" (١). وحصر المرزوقي عمود الشعر في جملة من الخصال، مَن لزِمها بحق وبنَى شعرهُ عليها كان عندهم المُفلِق المعظّم والمحسن المقدّم. وقد سبق لصاحب المقدمة ذكر هذه الخصال عند حديثه عن درجات صعود المعنى في مصاعد الشرف. وتلك الخصال هي مجموع الشرائط اللفظية، والإصابة في الوصف، والإجادة والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامه، والاستعارة، ومشاكلة اللفظ للمعنى. وجعلوا لكل وصف أو شرط من هذه الشروط عياراً يضبطه ويدلّ على تحقّقه.

فعيار المعنى عرضه على العقل الصحيح والفهم الثاقب.

وعيار اللفظ الطبع والرواية والاستعمال.

وعيار الإصابة في الوصف الذكاءُ وحُسن التمييز. فما وجدوه صادقاً في العلوق ممازجاً في اللصوق يتيسر الخروج عنه والتبرؤُ منه فذلك سيماء الإصابة.


(١) ابن عاشور. شرح المقدمة الأدبية: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>