للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شواهد الفطرة (١). وما عداه مما لم يحدّد منعه في الشريعة الإسلامية من التصرّف فهو على الإباحة الأصلية، بشرط ألا يحصل من العمل الذي يقوم به المرء إضرار بالغير. والإنسان في تصرّفاته مختار تحمله على الخير تقواه، وينزع به إلى الشر فجوره. وقد هداه الله النجدين، فأمر ونهى، وجعل له من روحه الديني وازعاً يقيه التردّي في الغواية، والوقوع في الضلالة والمهالك ... وإنها لحرب دائرة بين دواعي النفس إذا اعتادتها العاهات الباطنية، وعاودتها العوارض وتقلص ما هي عليه من التعاليم الصالحة والتسلل مما طبعت عليه رويداً رويداً، ويتجلّى ما يكون فيها من صراع بين حالتها السابقة الموروثة، وحالتها الملقّنة المبثوثة (٢).

[الوازع]

ولا يجدي مع هذه الحال إصلاح يقوم به العلماء والصالحون والدعاة والمجاهدون. ومن أجل ذلك احتاج الإصلاح إلى ما يشبه الحارس يذبّ عن النفس ما يتسرّب إليها من دواعي نقض الإصلاح، إلى دواعي الفساد (٣). والذي يحتاج إلى تعهد الغراسة ودوام الحراسة إنما هو الأعمال (٤). وتتم الحراسة عن طريق إيجاد الوزاع يزعها عن الانحراف عما اكتسبه من الصلاح حتى يصير تعلّقها بذلك دائماً (٥). وإذا قامت النفس اللّوامة بمحاسبة صاحبها على ما خالطه أو كان له عاملاً من عوامل خيبته وخسرانه، فليجعل الإيمان عدته، وخشية ربِّه سبيله، وحُبّهُ وحبَّ رسوله - صلى الله عليه وسلم - طريقاً إلى انتصاره.


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ١٦٧ - ١٧٧.
(٢) المرجع السابق: ٨٠.
(٣) المرجع السابق: ٨١.
(٤) المرجع السابق: ٨٢.
(٥) المرجع السابق: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>