للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الرابع: في القواعد الشرعية]

عرَف المجتهدون والفقهاء، من قبل نشأة علم أصول الفقه، القواعدَ الشرعية العامة من خلال ما ضبطوه من أحكام، وأقاموه عليها من أدلة، ونظروا في مجموع ذلك نِظرتهم الدقيقة الواسعة. فمكّنهم فحصُهم لها، وشمولُها لما أرادوا جمعه من أحكام أو مسائل، من الوقوف على ما نبّهوا إليه من علل الأحكام وحِكم التشريع. وإلى هذا أشار الشيخ ابن عاشور بقوله: ومن وراء ذلك خبايا في بعض مسائل أصول الفقه أو في مغمور أبوابها المهجورة عند المدارسة، أو المملولة تَرْسُبُ في أواخر كتب الأصول، لا يصل إليها المؤلفون إلا عن سآمة، ولا المتعلّمون إلا الذين رزقوا الصبر على الإدامة. فبقيت ضئيلة ومنسيّة، وهي بأن تعدّ في علم المقاصد حَرِيّة. وهذه هي مباحث المناسبة والإخالة في مسالك العلّة، ومبحث المصالح المرسلة، ومبحث التواتر والمعلوم بالضرورة، ومبحث حمل المطلق على المقيّد إذا اتحد الموجَب والموجِب أو اختلفا (١). واجتمع لدينا، للدلالة على جملة من المصطلحات المتقاربة، عددٌ من الكلم نعدّ منها: الكليات والمقاصد، والعلل والحِكم، والمصالح والمفاسد ونحوها. والهدف من كلّ الصيغ التي تشترك فيما لها من علاقة بأحكام الشريعة من قريب أو بعيد، أو من أي وجه من


(١) المقاصد: ١٢ - ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>