للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يد - مقاصد أحكام القضاء والشهادة]

أنبأنا استقراء الشريعة من أقوالها وتصرّفاتها بأن مقصدها: أن يكون للأمة ولاةٌ يسوسون مصالحَها، ويقيمون العدل فيها، وينفذون أحكام الشريعة بينها, لأن الشريعة ما جاءت بما جاءت به من تحديد كيفيات معاملات الأمة، وتعيين الحقوق لأصحابها إلا وهي تريد تنفيذَ أحكامها وإيصالَ الحقوق إلى أربابها إن رام رائم اغتصابها منهم، وإلّا لم يحصل تمام المقصود من تشريعها, لأن الحقوق معرَّضةٌ للاغتصاب بدافع الغضب أو الشهوة، ومعرَّضةٌ لسوء الفهم وللجهل وللتناسي.

وكلُّ واضِع نظام أو باعثِ سفير، أو موصٍ بعمل مّا، إلّا وهو في وقت وضع أعماله يُقدَّر حالةً يكون فيها حائلٌ حول مقصوده فيتخذ لذلك ما يراه من الحيطة.

فلا جَرَم أن كان من أهم مقاصد الشريعة بعد تبليغها إقامتُها وحراستُها وتنفيذُها. ولذلك لزم إقامةُ علماء للشريعة لقصد تبليغها وإقامتها. قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (١). وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبني ليث حين وردوا عليه: "فارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلَّموهم" (٢) *.


(١) التوبة: ١٢٢.
(٢) * رواه مالك بن الحويرث الليثي من بني ليث بن عبد مناف بن كنانة. اهـ. تع ابن عاشور. =

<<  <  ج: ص:  >  >>