العلامة ابن عاشور؟! فهو لسعة معرفته بهذا الموضوع، وكمال إحاطته بالفنون والمؤلفات، وغوصه في دراسة مناهجها وضبط خصائصها، قد تولَّى إلى جانب التاريخ لهذه الظاهرة العلمية التي تعلّقها طوال حياته بيان أوصافٍ وتعليلات وملاحظات وأحكام لا تجد الحديث عنها في كتاب، ولا في حلقة درس إلا نزراً، ومن القليل القليل من أهل العلم.
ذكر رحمه الله أمثلة من كتب جيّدة انبنت عليها النهضة في العلوم، وقام بها تأسيس النظر في عدّة فنون. وهذه معلومة مشهورة، ولكنَّها أُتبعت بعد وضعها وتصنيفها بأخرى استندت إليها، ورام الشيوخ في حلقات الدرس أن يلقّنوها طلابهم، ويعلّموهم ما شملته من قواعد ونظريات وأفكار. ولعله من الواجب، لاكتشاف بعض الحقائق والأسرار، أن ننظر بتأمّل في كتاب أليس الصبح بقريب. فهو يركز ملاحظاتِ مؤلفه ونقدَهُ على الكتب المدرسية، المقرَّرَة للمرحلة الأولى من التعليم الزَّيتوني، والتي يقوم التلميذ بدراستها ولمّا يبلغ في الغالب من العمر خمسة عشر عاماً.
[بعض كتب المرحلة الابتدائية]
من أهم ما يُبدأُ به من المقرر كتابان: المقدمة الآجُرُّومية في النحو، وإيساغوجي في المنطق. وهما متقاربان حجماً، متباينان سهولة وصعوبة.
فالمقدمة الآجُرُّومية، نسبة إلى مؤلفها محمد بن محمد بن داود بن آجُرُّوم ٧٤٣، أوّل كتاب يدرس في علم النحو. وهو مفيد. نظمه يحيى بن موسى العَمريطي ٨٩٠، وأسماه الدرّة البهيّة.
وإيساغوجي كتاب لأثير الدين مفضّل بن عمر الأبهري ٧٠٠.