للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلوم" (١). وهذا هو الأصل والقاعدة التي اعتمدها الفقهاء.

وأما الإجماع فهو ما حكاه ابن المنذر من قوله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السَّلَم جائز.

وفي هذا ترخيص من الشارع وإذن منه بجواز السَّلَم. قال الإمام الأكبر: وقد وجدنا من الضرورات ضرورات عامة مطردة كانت سبب تشريع عام في أنواع من التشريعات مستثناة من أصول كان شأنها المنع مثل السلم والمغارسة والمساقاة. فهذه مشروعة باطراد. وكان ما تشتمل عليه من أضرار وتوقع ضياع المال مقتضياً منعها، لولا أن حاجات الأمة إليها داعية. فدخلت في قسم الحاجي (٢).

وفي هذا التشريع حكمة بالغة جرت على لسان الشيخ ابن عاشور في تفسيره عند قوله: التداين من أعظم أسباب رواج المعاملات، لأن المقتدر على تنمية المال قد يعوزه المال، فيضطر إلى التداين ليظهر مواهبه في التجارة أو الصناعة أو الزراعة، ولأن المترفّه قد ينضب المال من بين يديه وله قِبَلٌ به بعد حين. فإذا لم يتداين اختلّ نظام ماله. فشرع الله تعالى للناس بقاء التداين المتعارف بينهم كيلا يظنّوا أن تحريم الربا والرجوع بالمتعاملين إلى رؤوس أموالهم إبطال للتداين كله. وأفاد ذلك التشريع بوضعه في تشريع آخر مكمل له. وهو التوثق له بالكتابة والإشهاد (٣).

[المجموعة الثالثة: عقود المشاركة أو الشركات القائمة على عمل الأبدان]

هذا النوع من المعاملات مثّل له الإمام بالمساقاة والمغارسة


(١) كتاب ٣٥، باب السَّلَم. خَ: ٣/ ٤٤.
(٢) المقاصد: ٣٥٦، ٣٥٧.
(٣) التحرير والتنوير: ٣/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>