للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين الضلال، على مقادير استعداد النفوس، وسعة مجال العقول النيرة والأفعال الصالحة، بحيث لا يعتريهم زيغ ولا شبهات في دينهم.

وختم قوله هذا بالتأكيد والاستدلال. قال: وهذا أولى ليكون الدعاء طلب تحصيل ما ليس بحاصل وقت الطلب، وأن المرء بحاجة إلى هذه الهداية في جميع شؤونه كلَّها، حتى في الدوام على ما هو متلبس به من الخير للوقاية من التقصير فيه أو الزيغ عنه (١).

* * *

٣ - الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (٢)

أورد الشارح هنا كلاماً طويلاً في تفسير الغضب تعرض فيه إلى مراتبه وأنواعه وحُكمه. والذي يعنينا هنا أن الغضب، كما جاء في صدر الكلام عن ذلك في قوله: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} متعلّقه وهو غضب الله. ولا سبيل للتوصل إلى فهم ذلك إلا بالرجوع إلى مختلف الدلالات التي يمكن حمله عليها. فحقيقة الغضب المعروف بين الناس هو كيفيةٌ تَعْرِضُ للنفس تَتْبَعها حركة الروح إلى الخارج وثورانها فتطلب الانتقام. فالكيفية سبب لطلب الانتقام، وطلب الانتقام سبب لحصوله. وليس هو من لوازم ماهية الغضب بحيث لا ينفك عنه. ولكنه قد يكون من آثاره.

ويمضي الشيخ بعد ذلك في بيان أسباب الغضب وما يترتّب عليه من آثار عند الناس بقوله: والغضب كيفية للنفس تعرض من


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. التحرير والتنوير: ١/ ١، ١٩١.
(٢) الفاتحة: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>