للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د - طريقة السلف في رجوعهم إلى مقاصد الشريعة وتمحيص ما يصلح لأن يكون مقصوداً لها

وهذا المبحث يتنزل منزلة طريق من طرق إثبات المقاصد الشرعية، ولكنّي لم أعدّه في عدادها من حيث إني لم أجد حجّة في كل قول من أقوال السلف، إذ بعضها غير مصرِّح صاحبُه بأنه راعى في كلامه المقصد، وبعضها فيه التصريح أو ما يقاربه، ولكنّه لا يعدّ بمفرده حجّة لأن قصاراه أنّه رأي من صاحبه في فهم مقصد الشريعة.

ولكنّ مناط الحجّة لنا بأقوالهم أنها دالة على أن مقاصد الشريعة على الجملة واجبة الاعتبار، وأن أقوالهم أيضاً لما تكاثرت قد أنبأتنا بأنهم كانوا يتقصَّون بالاستقراء مقاصد الشريعة من التشريع. ولقد أحببت أن أمثّل في هذا المبحث بأمثلة كثيرة يتجلَّى بها للناظر مقدارُ اعتبار سلف العلماء لهذا الغرض المهم. وفيه ما يعرفك بأن أكثر المجتهدين إصابة، وأكثرَ صواب المجتهد الواحد في اجتهاداته يَكونان على مقياس غَوصِه في تطلّب مقاصد الشريعة. وسنشرح ذلك في أبواب القسم الأول (١).

المثال الأول: روى جابر بن عبد الله وأبو هريرة ورافع بن خديج رضي الله عنهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت له أرض


(١) ٧٩، ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>