للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

كانت حياة شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الطاهر ابن عاشور حافلة بالنشاط العلمي والفكري. بدأت ثمارُ ذلك تظهر من حين تخرّجه بالجامع الأعظم جامع الزيتونة واستكماله الدراسة به إلى أن التحق بربِّه.

وهو نمط فريد من الشيوخ لم نعرف مثله بين معاصريه أو طلابه، أو مَن كان في درجتهم من أهل العلم. إذ كان انكبابه على الدرس متميّزاً، واشتغالُه بالمطالعة غيرَ منقطع، مع عناية دائمة مستمرة بالتدوين والكتابة، وتقديم ما يحتاج إليه الناس من معارف وعلوم، وأذواق وآداب، وملاحظات وتأمّلات. فلا بدع إذا اطَّردت جهوده واستمر عطاؤه في مختلف مجالات الدرس والثقافة: في حقول المعرفة الدينية والشرعية، وفي الدراسات اللغوية والأدبية، وفي معالجة أوضاع التعليم بالزيتونة والعمل على إصلاحها، مع ذبِّه عن الإسلام أصوله وآدابه، وتطلّعه كل يوم إلى مزيد من المعرفة بكل ما يمكن أن يقع تحت يده من كتب فريدة ومخطوطات ومصنفات في شتى العلوم والفنون.

وهبه الله متانة علم، وسعة ثقافة، وعمق نظر، وقدرة لا تفتُر عن التدوين والنشر، وملكات نقدية يتضح أثرها في طريقة الجمع بين الأصول والتفريعات وما يلحق بها من تصرفات وإبداعات. وهكذا صدرت مقالاته وتحقيقاته وبحوثه وتآليفه متدفّقة متوالية من غير انقطاع أو ضعف. فنُشر منها ما نُشر، وبقي الكثير منها محفوظاً بخزانة آل عاشور ينتظر مَن يتولى نشره وطبعه وتحقيقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>