بأقوات الناس من احتكار ما يحتاجون إليه في معاشهم، أو إغلاء الأثمان عليهم استغلالاً واعتداء. فلذلك أُسندت إلى المحتسب مهام كثيرة أخرى منها مراقبة الأسواق التجارية ومحلات البيع والشراء والمؤسسات الاقتصادية، ومراقبة الصناع والحِرفيين، كما وُكل إليه تحكيم قوانين العرض والطلب في المعاملات التجارية، ومراعاة جودة الصناعة، ومراقبة غذاء الشعب. وكل ذلك من أجل صيانة الأسواق من الغشّ في المبيعات، والتدليس في العقود، والغبن في الأثمان والأجور. فهو لكل ذلك بالمرصاد، يرشد الناس ويعظهم، ويتولّى تتبع المحتكرين وتعنيفهم بالقول الغليظ، ويغير منكرهم بيده، ويهددهم ويخوّفهم، ويستعمل ما يناسب ذلك من وسائل التعزير ويستعين على أداء مهمته بالأعوان والشرطة. وتصرّفه في هذا كله تصرّف أصحاب الولايات، لأن ولاية الحِسبة ولاية عامة شرعية كولاية القضاء. وقد أسندت هذه المهمة إلى رجال الشرطة ورجال التموين، وإلى النيابة الإدارية وحتى العامة (١).
[توسيع الدراسات الفقهية]
كان جمهور المتقدمين من أئمة الفقه والأصول يكاد يحصر جدله واستدلالاته وتعليقاته في مسائل العبادات، وبعض مسائل الحلال والحرام في البيوع. أما اليوم فقد أصبح لزاماً على الفقهاء وعلماء الشريعة أن يعكفوا على بحث أسرار التشريع في المعاملات، وفي الكيفيات المقصودة للشارع فيها، من أجل تحقيق مقاصد الناس النافعة، وحفظ مصالحهم العامة في تصرّفاتهم الخاصة، وتدخل في ذلك كل حكمة روعيت في تشريع الأحكام. وانبنت أحكام