للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطلق الوجوب والغرض - السابق ذكرهما - وهما معدومان. فإن أرادوا معنى آخر فليفسروه أولاً، ثم ليذكروا علّته، فعسانا ألا ننكره عليهم .. وأردف الكمال ابن الهمام قائلاً: "واعلم أنهم (أي المعتزلة) يريدون بالواجب الفعل الذي يثبت بتركه نقص في نظر العقل. وثبوت النقص بسبب ترك مقتضى الداعي إلى ذلك الفعل، وهو كمال القدرة والغنى المطلق مع انتهاء الصارف عن ذلك الفعل. فتركه المراعاةَ المذكورة مع ذلك بُخل، يجب تنزيه الله عنه" (١). وأضافوا في الاحتجاج على دعواهم، وعلى وجوب الأصلح عليه سبحانه قولهم: "إن الله تعالى كلَّف عبده بأنواع التكاليف. فهو إمّا أن يكون قد كلفه لا لغرض البتة، وهو باطل .. ، وإمّا كلفه لغرض. وبنفي قولهم يلزم من عدم الغرض المفيت، أو تحققاً أنه لنفع قوم كالمؤمنين، وضرر لقوم كالكافرين، فإن سُلَّم أنه لغرض، فليس يلزم أن يكون على سبيل الوجوب والحتم، بل تفضلاً على الأبرار وعدلاً بالنسبة إلى الفجار" (٢).

[الأصوليون والتعليل]

وقال الحسني حول هذه الطريق الموصّلة بالأقيسة إلى معرفة الأحكام الشرعية: والتعليل هو الأساس للتفكير التشريعي، إذ هو في الحقيقة استجلاء لمراد الشارع من الحكم، وطريق كاشف عن طابع معقولية الأحكام من قبل أن الله ذكر السبب الموجب للحكم (٣).

وإنه لمن الضروري أن ننبّه إلى أن الأصوليين رغم اتفاق جمهورهم على التعليل لم يسيروا في ذلك على وجه واحد، بل انقسموا في ذلك إلى فئات أربعة:


(١) المسامرة: ١٦٠.
(٢) المسامرة: ١٦٣.
(٣) الحسني. نظرية المقاصد: ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>