للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ي - المساواة]

ومن أول الأشياء التي تنشأ عن عموم الشريعة، ويتوقف النظرُ فيها على تحقيق معرفة عمومها ومواقع ذلك العموم وكيفيته، المساواةُ بين الأمة في تناول الشريعة أفرَادَها، وتحقيقُ مقدار اعتبار تلك المساواة ومقدار إلغائها.

ذلك أن المسلمين مستوون في الانتساب إلى الجامعة الإسلامية بحكم قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (١). فمعنى الأخوة يشمل التساوي على الإجمال بجعل المسلمين سواءً في الحقوق المخوَّلة في الشريعة، بدون تفاوت فيما لا أثر للتفاوت فيه بين المسلمين من حيث إنهم مسلمون. فإذا علمنا أن المسلمين سواءٌ بأصل الخلقة واتحاد الدين تحققنا أنهم أحقاء بالتساوي في تعلق خطاب الشريعة بهم، لا يؤثر على ذلك التساوي مؤثرٌ من قوة أو ضعف، فلا تكون عزة العزيز زائدةً له من آثار التشريع، ولا ضعف الذليل حائلاً بينه وبين مساواته غيرَه في آثار التشريع.

وبناء على الأصل الأصيل، وهو أن الإسلام دين الفطرة، فكلُّ ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه بين المسلمين، يفرضُ فيه التساوي بينهم. وكل ما شهدت الفطرة بتفاوت البشرية فيه فالتشريع بمعزل عن


(١) الحجرات: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>