التحيّل، من حيث أنه يُفيتُ المقصد الشرعي كلَّه أو بعضَه، أو لا يفيته، يمكن بالاستقراء أن نردَّه إلى خمسة أنواع. قال الشيخ ابن عاشور:
النوع الأول: تحيّل يفيت المقصد الشرعي ولا يعوّضه بمقصد شرعي آخر. وذلك بأن يتحيّل بالعمل لإيجاد مانع من ترتّب أمر شرعي. فهو استخدام للفعل لا في حالة جعله سبباً بل في حالة جعله مانعاً. وهذا النوع لا ينبغي الشك في ذمَّه وبطلانه، ووجوب المعاملة بنقيض مقصِد صاحبه إن اطلع عليه.
النوع الثاني: تحيّل على تعطيل أمر مشروع على وجه ينقل إلى أمر مشروع آخر، أي استعمال الشيء باعتبار كونه سبباً. فإن ترتّب المُسبب على سببه أمر مقصود للشارع. ومثله هذا الانتقال من سبب حكم إلى سبب حكم آخر، في حين يكون المكلف مخيّراً في اتباع أحد السببين. فعلم أن أحدَهما يكلفه مشقةً فانتقل إلى الأخفّ. وهذا النوع جائر على الجملة لأنه انتقال من حكم إلى حكم، وما فوّت مقصداً إلا وقد حصّل مقصداً آخر. وتختلف في ذلك الأمثلة.
النوع الثالث: تحيّل على تعطيل أمر مشروع على وجه يسلك به أمراً مشروعاً هو أخفُّ عليه من المنتقَلِ منه. وأمثلة هذا تدلّ عند الشيخ ابن عاشور على أن هذا ألصق بمقام الترخّص إذا لحقت المكلف مشقةٌ من الحكم المُنتقَل منه. وهذا أقوى من الرخصة المفضية إلى إسقاط الحكم من أصله.
النوع الرابع: تحيّل في أعمال ليست مشتملة على معانٍ عظيمة مقصودة للشارع. وفي التحيّل بها تحقيق لمماثل مقصد الشارع من تلك الأعمال. وهذا كتحيّل من صدرت منه يمين لا يتعلق بها حق