[الفصل الأول: أمثلة للمقاصد الشرعية المستخرجة من التحرير والتنوير]
يركز كتاب المقاصد، مع جمعه بين الجانبين النظري والتطبيقي في دراسة المقاصد، على الخطاب ومقتضياته، والأحكام وموجباتها، ويحرص على إيراد النصوص الكثيرة من الكتاب والسُّنة مفرِّعاً عليها مسائل فقهية عديدة، معلّلَةً وغير معلّلَة، لينتهي إلى ما نبه إليه من قوانين وطرق يستعملها للتوصل إلى ضبط المقاصد بأنواعها.
ولما كان من المتعذِّر بيان ذلك وتصويره من خلال كتاب المقاصد وحده، نورد أمثلة من كتب الشيخ الأخرى اختلفت الأغراض فيها بين اجتهاد وتحليل لروح التشريع الإسلامي، وتمييز بين مقامات الإرشاد والتشريع والاقتضاء والاجتهاد وغير ذلك مما سبقت الإشارة إليه (١).
وإذا تحولنا إلى كتاب التحرير والتنوير الذي بذل فيه الشيخ ابن عاشور جهداً كبيراً عميقاً وشمولياً. فلم يغفل فيه كلمة ولا تركيباً، لا فقرة ولا جملة في أيّة سورة من سور القرآن: مكيّه ومدنيّه إلّا وقف عندها في إمعان ودقّة متأملاً ومتدبراً، مسخراً لذلك علمه الواسع، وثقافته العالية، ومستخدماً العلوم الآلية المتصلة باللغة وتصاريف الكلام وما ورد لدى العرب من تفنن وروعة في مجالات فن القول.