تبتدئ آصرة القرابة بنسبة البنوّة والأبوّة، [فعن اتصال الذكر بالأنثى نشأ النسل](١) ولكن النسل المعتبر شرعاً هو الناشئ عن اتصال الزوجين بواسطة عقدة النكاح المتقدمة المنتفي عنها الشك في النسب. واستقراء مقصد الشريعة في النسب أفادنا أنها تقصد إلى نسب لا شك فيه ولا محيد به عن طريقة النكاح بصفاته التي قررناها. فأما ما كان قبل الإِسلام من الأنساب المعتبرة في اصطلاحهم الناشئة من بغاء أو استبضاع أو نحوهما مما عدا النكاح فقد أقرته الشريعة اعتماداً على ثقة أهل الجاهلية به, لأن الثقة بالنسل قبل تحديد قواعد النكاح في الإسلام موكولةٌ إلى ما في الجبِلّة من إباية الناس التحاقَ من ليس من نسبهم بهم. فأصناف المقارنة الواقعة في الجاهلية قد اختلط نادرها بغالب الأنساب الصحيحة, وقد وثق أهلها بالأنساب الملحقة بهم من جرائها. وفي التنقيب عنها وتمحيصها تعذر أو تعسر لا يحسن الاشتغال به وإحداث فتنة فيه، ولأنه يصير ذريعة إلى طعن بعض الناس في أنساب بعضِ التي نشأت في حالة قلة ضبط فلم تهتم الشريعة إلَّا بإبطال الكيفيات التي من شأنها تطرق الشك إليها حتى لا يعود إليها الناس في الإسلام.
وأُلحِق التسرِّي بالنكاح في صحّة النسب الناشئ عنه, لأن
(١) الإضافة من ط. الاستقامة: ١٧٢. وقد تولى المؤلف الضرب عليها.