للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البيع يقع فاسداً ويجوز بقيمته كالنجس عند المالكية، وهو صحيح عند الحنفية، وذهبت الشافعية والحنابلة إلى القول بالخيار.

تلقي الركبان (١):

التلقّي حرام، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تَلقَّوا الجلب. فمن تلقّاه فاشترى منه فإذا أتى صاحبُه السوقَ فهو بالخيار" (٢). وكرهته الحنفية كراهة للضرر أو الغرر، فإذا انتفيا فلا بأس ولا يكره. وبذلك صرح المرغيناني، والكاساني، والزيلعي، والحصكفي وآخرون (٣). وفي الحديث عن ابن عباس: "لا تَلقَّوا الركبان، لا يبع حاضر لباد". اختلف الفقهاء في هذا النهي. فاعتبر قوم التلقّي جائزاً ومنعه آخرون. قال ابن تيمية: في الخبر دليل على صحة البيع (٤). والراجح أن هذا البيع وبيع الحاضر للبادي صحيح غير فاسد. وبهذا قالت الحنفية. وفيه خيار الغبن عند الشافعية والحنابلة، ولا يجوز لحقِ أهل الأسواق، ويقع فاسداً عند المالكية.

ومما وقع النهي عنه من ذلك بيع السلع حيث تبتاع. فعن ابن عمر أن زيد بن ثابت رآه يفعل ذلك فقال له: "لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث


(١) تلقي الجَلب أو السلع.
(٢) مَ: ٣/ ١١٥٧.
(٣) البدائع: ٥/ ٢٣٢؛ الهداية بشرح العناية: ٦/ ١٠٧؛ تبيين الحقائق: ٤/ ٢٨١؛ الدر المختار: ٤/ ٢٣٤.
(٤) يوافق تلقي الركبان بيع الحاضر للبادي. وفيه أحاديث كثيرة منها لأبي هريرة وابن عباس وأنس. وفي كلام ابن تيمية إشارة إلى أن المنع مقيد بقيود وشروط شتى. انظر الموسوعة الفقهية: ٩/ ٨٣ - ٨٤/ ف ٨ - ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>