للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تولية القاضي]

لعلو منزلة القضاء، وجعله أمانة في المجتمعات الإنسانية ولها، ولاعتبارهم القاضي أهم أركان القضاء، إذ في صلاحه وكماله صلاح بقية ما يحفّ به من أحوال كما قدمنا. تعرض أكثر الفقهاء في كتبهم، في أبواب القضاء والشهادات، وفي مصنفاتهم الخاصة بهذه المرتبة السنية وهي أدب القاضي، إلى ذكر جملة من الصفات أو الشروط التي يلتزمون بها في تولية القضاة.

فمن جملة النصوص المعرّفة بواجب الولاة في اختيار مَن يصلح لهذا المهم الذي يتوقّف عليه تبيين الحقوق وإسنادها إلى مستحقيها، قول الإمام ابن تيمية: يجب على ولي الأمر البحث عن المستحقين للولايات، من نوابه على الأمصار من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان والقضاة .. فيجب على كل من ولي شيئاً من أمر المسلمين، من هؤلاء وغيرهم أن يستعمل، فيما تحت يده في كل موضع، أصلحَ من يقدر عليه (١).

وقد تتبعنا أقوال الأئمة في كثير من المذاهب فوجدناها تشترط لولاية القضاء شروطاً صحيحة متفقاً عليها إجمالاً. وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، وسلامة الحواس، والعلم بالأحكام الشرعية، والعدالة. وشروط مختلف فيها كالذكورة، والاجتهاد.

ولم يكن يعنينا في هذا المحل غير شرط العلم الذي يتعين تحريره لضبط الرأي الشرعي فيه. ولا يتم ذلك إلا بالنظر في أحوال المجتهد والعالم والمقلِّد، والعامي أو الجاهل.


(١) السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>