للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عمل الشيخ سالم في التدريس]

وقد تولّى بعد ذلك التدريس بالجامع الأعظم، متنقلاً في رتبه العلمية بين الطبقة الثانية ١٢٧٠/ ١٨٥٣، والطبقة الأولى ١٢٨١/ ١٨٦٤ على مدى خمسة وستين عاماً. وكان انصرافه عنه بعد طول هذه المدة بما أذنت له به كلمة [صه] الموافقة لهذا العدد من السنين بحساب الجُمَل.

وكان له منهج مميّز في دروسه، أعرض به عن المناقشات اللفظية الجدلية العقيمة، متوجّهاً باجتهاداته الشخصية إلى مناقشة الآراء، وابتكار الأنظار، وقوّة التحليل، وبراعة النقد، ناعياً على متأخِّري الفقهاء تمسُّكَهم بظواهر النصوص، وإهمالَهم تحقيق المناط، وانصرافَهم عن إبراز مقاصد الشريعة وتطبيقها.

وقد ألحق في حلقات دروسه الأحفاد بالأجداد، وتخرّج عليه من الفحول في العلوم العربية وأسرارها، ومصادر السنّة ودواوينها، والعلوم الشرعية فروعها وأصولها، نفر معدود من كبار العلماء، نكتفي بذكر طائفة منهم: شيخ الإسلام أحمد بيرم، والقاضي إسماعيل الصفائحي، ومحمد بيرم الخامس، وعبد العزيز الثعالبي، ومحمد السنوسي، وشيخا الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور، ومحمد العزيز جعيط، ومحمد مخلوف، والمفتي محمد النجار، وشيخ الإسلام محمد بن يوسف (١).

ومما يشهد لغزارة علمه وتعدّد اهتماماته ومنازعه عنايته بالعربية، وتقاريره على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، وعكوفه على كتب السنّة النبوية الشريفة، وتقاريره على مواضع من صحيح


(١) محمد محفوظ. تراجم المؤلفين التونسيين: ٢/ ٧٨، ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>