مشروطاً بالانتساب إلى الثانية، وموكولاً لاختيار النظارة. ثم حُكِّمت المناظرة العلمية بين من يروم من المتنافسين الالتحاق بالطبقة العليا.
ولكن هذا النظام اختلّ بعد وفاة المشير أحمد باي الأول، وقصّر كثير من الشيوخ في القيام بواجباتهم.
بداية الإصلاح في عهد المشير محمد الصادق باي (١٢٧٦/ ١٨٥٩ - ١٢٩٩/ ١٨٨٢):
تلافى المشير محمد الصادق باي الوضعَ، وأظهر بإشارة من أعضاده عناية بالزيتونة. وأسّس برواق جامع الزيتونة المكتبة الصادقية، الشهيرة بالعبدلية سنة ١٢٩٢/ ١٨٧٥. وتولّى وزيره خير الدين ضبط أحوال الدروس والمدرّسين بالجامع الأعظم، وأسقط ضريبة المجبى على المنقطعين لطلب العلم.
وقد يكون الدافع لمثل هذه التصرّفات محاكاة كبار الملوك والسلاطين في الدول الأخرى، أو الرغبة في التقرّب من الرعية، وحُسن الذِّكر.
[صدمة الاحتلال]
في خلال الفترة التي تقدّمت انتصاب نظام الحماية الفرنسية بالبلاد التونسية، وتقاطُرِ الأوروبيين وخاصة الفرنسيين منهم على تونس العاصمة، واتخاذهم حيّاً متميزاً بها عمراناً ونضارةً وبهجة حياة، بدا الفارق العظيم والبون الشاسع بين بؤس الحياة الأهلية، ونعمة الحياة الأوروبية التي لم يستطع اللحاق بها إلا كبار الموسرين وعظماء الحكام.