للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما حمل ابن العربي على التعريض بها في أبيات منها:

قالوا: الظواهر أصل لا يجوز لنا ... عنها العدول إلى رأي ولا نظرِ

إن الظواهر معدود مواقعها ... فكيف تُحصي بيان الحكم في البشرِ

فالظاهرية في بطلان قولِهم ... كالباطنية غَير الفرق في الصورِ (١)

وتبع ابنُ عاشور ابنَ العربي مقيماً الحُجة على الظاهرية بإبطال لازم دعواها في قوله: وأنت إذا نظرت إلى أصول الظاهرية تجدهم يوشكون أن ينفوا عن الشريعة نوط أحكامها بالحِكمة؛ لأنهم نفوا القياس والاعتبار بالمعاني. ووقفوا عند الظواهر فلم يتجاوزوها .. على أن أهل الظاهر يقعون في ورطة التوقف عن إثبات الأحكام فيما لم يرو فيه عن الشارع حكم من حوادث الأزمان. وهو موقف خطير يخشى على المتردّي فيه أن يكون نافياً عن شريعة الإسلام صلاحها لجميع العصور والأقطار (٢).

القياس بين المثبتين والنُّفاة:

يستدلّ المثبتون للقياس العاملون به على مذهبهم بالكتاب؛ بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} (٣).

ويستدلّون أيضاً بالسُّنة على القول بالقياس والعمل به، وبما قاله معاذ بن جبل في حواره مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، المنتهي إلى الاعتصام بالرأي. وذلك قوله: حين يُفقد الدليل من الكتاب والسُّنة: أجتهد برأيي ولا آلو (٤).

ومثل هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي حين دخله الشك في


(١) عارضة الأحوذي: ١٠/ ١١٢.
(٢) المقاصد: ١٥٢ - ١٥٣.
(٣) سورة الحشر، الآية: ٢.
(٤) انظر المقاصد: ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>