° السادس: فقدان الدليل بعد التفحّص البليغ يغلب ظنّ عدمه، وعدمه يستلزم عدم الحكم لامتناع تكليف الغافل.
وكل هذه الآليات، التي يتوصّل بها إلى معرفة معنى النصّ، وحُكمِه في عمومه وخصوصه وإطلاقه وتقييده، لا تغني وحدها عما ينبغي أن يَأخذ به المجتهدون من مناهجَ تُوجَّهُهُم، وتسلك بهم سبل الحق، ليتبيّنوا حكمة التشريع التي تميّزت بها الأحكام في الإسلام، وليقفوا على قِيمه العليا، وليدركوا من أسرار التشريع ما هم مطالبون به من تحقيق العدل ومراعاة المصالح الحقيقية المعتبرة شرعاً. وذلك استناداً إلى الدلالات الأربعة وما ثبت بها من أحكام عن طريق المنطوق. ولا نستثني من طرق الاستدلال مفهوم المخالفة لأنه من طرق إثبات الأحكام واستثمار النصوص، كيف وهو عبارة عن دلالة المنطوق على ثبوت خلاف حكمه المقيّد بقيد، لغير المنطوق عند انتفاء ذلك القيد المعتبر في تشريعه (١).
والاستدلال الذي هو من وظيفة الأصوليين يُعتَدُّ به لديهم إلى حد كبير. فهو موضوع علمهم، ومدارُ بيان الخطابات الكثيرة الصادرة عن الشارع. وليس في متناول كل الناس التوصل إلى معرفة ذلك، أو إدراك ما تنتجه تلك المعرفة من إفادات شرعية يُطمأن إليها. فهم لذلك يعتمدون كل الاعتماد على العلماء يكشفون لهم معانيَها ويصورون أغراضها.
[المقام والسياق]
يتصل بهذه الدلالات بحث موضوعي المقام والسياق. فقد عُني