للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يب - مقصد الشريعة من التشريع تغييرٌ وتقريرٌ

قد يَستكِنُّ في معتقد كثير من العلماء قبل الفحص والتغوّص في تصرفات التشريع أن الشريعة إنما جاءت لتغيير أحوال الناس. والتحقيق أن للتشريع مقامين:

المقام الأول تغيير الأحوال الفاسدة وإعلان فسادها. وهذا المقام هو المشار إليه بقوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (١)، وقوله: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢).

والتغيير قد يكون إلى شدّة على الناس رعيًا لصلاحهم، وقد يكون إلى تخفيف إبطالاً لغلوِّهِم. مثل تغيير اعتداد المرأة المتوفّى زوجها من تربص سنة إلى تربص أربعة أشهر وعشر (٣)، إذ لا فائدة فيما زاد على ذلك، إذ التربّص لا تظهر منه فائدة للميت ولا للمرأة، إلَّا لحفظ نسب الميت لو ظهر حمل. وتلك المدّة كافية لظهور الحمل وتحرّكه. وكذلك تغيير حكم الإحداد بتهذيبه، إذ كانت المرأة


(١) البقرة: ٢٥٧.
(٢) المائدة: ١٦.
(٣) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية. البقرة: ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>