للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يح - نفوذ الشريعة]

تكسبك المباحث المتقدمة أن من مقاصد الشريعة أن تكون نافذة في الأمة، إذ لا تحصل المنفعة المقصودة منها كاملة بدون نفوذها. فطاعة الأمة الشريعة غرض عظيم.

وإن أعظم باعث على احترام الشريعة ونفوذها أنها خطابُ الله تعالى للأمة. فامتثال الأمة للشريعة أمر اعتقادي تنساق إليه نفوس المسلمين عن طواعية واختيار، لأنها تُرضي بذلك ربَّها، وتستجلب به رحمتَهُ إياها، وفوزَها في الدنيا والآخرة. وقد قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (١).

فالأحكام الشرعية المتلقاة من الرسول عليه الصلاة والسلام كُلُّها وحي من الله تعالى. ثم لم يزل أئمة الشريعة من عهد الصحابة فما بعد يتوخّون أن تكون آراؤهم في استنباط الأحكام مستخرجةً من التفريع عن أصول الكتاب والسنة. ولذلك كانوا كثيراً ما يشدّدون النكيرَ على القول بالرأي غير المستند إلى ذلك. واستتب للشريعة أن تسلك لتحصيل ذلك مسلكين سلكتهما جميعاً.

المسلك الأول مسلك الحزم في إقامة الشريعة.

والمسلك الثاني مسلك التيسير والرحمة بقدر لا يفضي إلى انخرام مقاصد الشريعة.


(١) المائدة: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>