للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ج - طرق إثبات المقاصد الشرعية]

أحسبك قد وثقت ممّا قرّرته لك آنفاً بأنّ للشريعة مقاصد من التشريع بأدلة حَصل لك العلمُ بها تَحقّق الغرض على وجه الإجمال. فتطلّعتَ الآن إلى معرفة الطرق التي نستطيع أن نبلغ بها إلى إثبات أعيان المقاصد الشرعية في مختلف التشريعات. وكيف نصل إلى الاستدلال على تعيين مقصدٍ ما من تلك المقاصد استدلالًا يجعله بعد استنباطه محل وفاق بين المتفقّهين سواء في ذلك من استنبطه ومن بلغه، فيكون ذلك باباً لحصول الوفاق في مدارك المجتهدين أو التوفيق بين المختلفين من المقلدين.

فاعلم أننا لسنا بسبيل أن نستدل على إثبات المقاصد الشرعية المتنوّعة بالأدلة المتعارفة التي ألفنا الخوضَ فيها في علم أصول الفقه، وفي مسائل أدلة الفقه، وفي مسائل الخلاف، لأن وجود القطع والظن القريب منه بين تلك الأدلة مفقود أو نادر، لأن تلك الأدلة إن كانت من القرآن وهو متواتر اللفظ فمعظم أدلته ظواهر. وفي القرآن أدلة على مقاصد الشريعة قريبة من النصوص سنذكرها في تقسيمها الآتي. وإن كانت الأدلة من السنة فهي كلها أخبار آحاد، وهي لا تفيد القطع ولا الظن القريب منه (١). ولذلك قد كان القرآن بين يدي جميع المجتهدين فلم


(١) يريد بالأدلة أكثرها كما هو معلوم. وهي الأدلة على المقاصد المراد استنباطها لا على الأحكام. ومن المعلوم أن أخبار الآحاد قد اعتمدها جمهور الفقهاء، =

<<  <  ج: ص:  >  >>