للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتّفقوا على الأحكام التي استنبطوها منه، ولو مع ظهور بعضها دون الآخر. فقد قال الله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (١) قال مالك في الموطأ: "هو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته" (٢)، أي لأنهما اللذان يعقدان نكاح ولاياهما. وقال الشافعي: "هو الزوج" (٣)


= إذا صحت، في استنباط الأحكام. وما صرّح به المؤلف في هذا المحل يؤكّده قولُه بعد: على أننا غير ملتزمين للقطع وما يقرب منه في التشريع، إذ هو منوط بالظن. وإنما أردت أن تكون ثلة من القواعد القطعية ملجأ نلجأ إليه عند الاختلاف والمكابرة، وأن ما يحصل في تلك القواعد هو ما نسميه مقاصد الشريعة، وليس ذلك بعلم أصول الفقه. المقاصد: ١٤٢ - ١٤٣. ولم يقف المؤلف في الواقع عند هذا الحد الذي جارى فيه الأصوليين، بل أخذ في تحديد المقاصد الشرعية بالسنة الموافقة للقرآن والمؤكّدة له، وبالسنة المبيّنة للقرآن، وبالسنة المستقلة؛ كالنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها. وقد أورد من نصوص السنة في بيان المقاصد الشرعية في كتابه ما لا يحتاج إلى تنبيه أو إحالة. وكما بينت السنة مقاصد الأحكام الجزئية الواردة في القرآن، بينت مقاصد كلية مستخرجة من جملة نصوص القرآن، مثل: "لا ضرر ولا ضرار".
وقد أكد الشاطبي على هذه الحقيقة في قوله: "وقد كملت قواعد الشريعة في القرآن والسنة فلم يتخلّف عنها شيء. والاستقراء يبيّن ذلك. ويسهل على من هو عالم بالكتاب والسنة. ولما كان السلف الصالح كذلك قالوا به ونصّوا عليه حسب ما تقدم عن بعضهم فيه ... ". الشاطبي. الموافقات: (٣) ٤/ ٢٩.
(١) البقرة: ٢٣٧.
(٢) انظر: ٢٨ كتاب النكاح، ٣ باب ما جاء في الصداق والحباء، عقب ح ١١ في آخر الباب. طَ: ٢/ ٥٢٨.
(٣) مذهب مالك في الذي بيده عقدة النكاح الأب في ابنته، والسيد في أمته كما تقدم، لأن هذين يعقدان لهما بدون إذن، كما يدل عليه قوله: "بيده"، الدال في كلام العرب على أنه مستقل به. ولا يصح أن يكون المراد به =

<<  <  ج: ص:  >  >>