هو العلامة قاضي الجماعة الشيخ محمد الطاهر بن محمد بن الشاذلي بن عبد القادر بن محمد بن عاشور ١٢٣٥/ ١٨١٥ - ١٢٨٤/ ١٨٦٨ بتونس. أديب فقيه عالي الهمّة، زكيّ النفس. لم يقنع بشرف النسب حتى أضاف له شرف المكتسب، من نور الفهم والتضلع بالعلم، وهما نعمتان، وكل ذي نعمة محسود، ورغم وجود حساده، وتظاهر أضداده، فإنهم لم يجدوا في قضائه موضعاً لانتقاده (١).
وهو وإن تميّز بالأدب والعلم والتدريس، وجملة من الأعمال الإدارية، وتقلّب في الخطط الشرعية بين الفتوى والقضاء، لم يبرز له تطلع سياسي، ولا اهتمام بالإصلاح إلا في مجالي التعليم والفتوى، اللذَيْن عَكف عليهما من صغره. فلم يكن كقابادو الأستاذ بالمدرسة الحربية، ولا كتلميذه الشيخ سالم بوحاجب الذي اتسعت مشاركاته وتعددت رحلاته.
حفظ القرآن الكريم بكُتَّاب حوانيت عاشور في صباه. ولمّا اشتد عوده دخل جامع الزيتونة الذي كانت سوق العلم به نافقة بفضل اهتمام المشير الأول أحمد باشا بالعلم وأهله، ووقفه الكتب العلمية به على طلبته. وكان تمرسه البالغ بالعلوم اللغوية والعربية والأدب
(١) أحمد بن أبي الضياف: إتحاف أهل الزمان: ٨/ ١٦٧، ٣٩٤.