وأسرار البيان. فجدّد من فنون القول ما اندرس، وتميّز في صناعتي الكتابة والشعر. وأخذ عن أبرز علماء عصره بمصره أمثال أخيه الأكبر الشيخ محمد ابن عاشور، والفقيه المتصوّف الشيخ محمد ابن مُلُوكة الذي كان يظهر اهتمامه به ويستنجبه، والعلامة شيخ الإسلام محمد ابن الخوجة، وشيخ الإسلام محمد بيرم الثالث، والمفتي الشيخ محمد معاوية، وشيخ الشيوخ الإمام إبراهيم الرياحي.
تولّى التدريس من الطبقة الأولى ١٢٦٢/ ١٨٤٦، وبرع في المعقولات. وأقبل عليه الطلاب، وتخرّجوا به في النحو والبلاغة والأدب والأصول. وكان في هذه الفنون أحسن منه في الفقه، ولكن استدرك ذلك حين ولي القضاء وأكّد مقَومات معارفه الشرعية. فانقطع إلى الدواوين الفقهية، وعمّر بها أوقاته، حتى تدارك في قليل من الزمن ما فاته. جرى مع فحول الفقهاء في مضمارهم ومعارك أنظارهم. ولم ينعزل عن التدريس حين أثقلته مهمة فصل النزاعات بين الناس، كغيره من العلماء. وتلك سنّة متّبعة معلومة منهم. فاستجاب لطلابه حين رغبوا منه إكمال تدريس شرح المَحلِّي لجمع الجوامع لهم. وكان يريح بذلك نفسه، فأقرأه بين العشاءين بجامع الزيتونة.
وخالف في منهجه في مجال الفقه كثيراً من معاصريه، واتبع مسلك رئيس المفتين الشيخ إسماعيل التميمي من قبله، آخذاً مأخذ المجتهدين في رد الفروع إلى أصولها، والاستدلال على الأحكام، والتنبيه إلى مقاصدها. وهذا ما جعله يفاخر بطريقته، معلناً أنه لم يكن يعجبه أن يقول في المسائل هكذا قال الفقهاء. فكان حريصاً على التعرف على الأدلّة والإحاطة بها مثلما كان عليه الأئمة وكبار الشيوخ. وحمل هذا الموقف منه على الإعجاب بمداركه في كل الأوساط. وكان المشير الأول يفاخر به، ويسأل في بعض القضايا عن قول