للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث: مع فقهاء الشريعة الإسلامية]

إن من بين من اعتمدهم الإمام في نشر العلوم الشرعية وبناء الفكر الإسلامي جملةً من الرواد والشيوخ من قراء ومحدثين وعلماء وفقهاء، بذلوا جهوداً عظيمة في تدبر ذلك الميراث النبوي وتحليله والكشف عن جواهره وروائعه. فكان منهم المجتهدون أصحاب المذاهب، وأصحاب الطبقات والرجال على مدى العصور الماضية. فهي تنبئ عن دورهم الكبير في تصنيف العلوم، وتضع أمامنا ذلك الصرح الحضاري الخالد الذي يكفي أن تمتد إليه أيدينا لنجتني ثماره في أي فنّ من فنون الفكر والعلم. فمن عقيدة وقرآن وسُنة، وشريعة، وأصول، وفقه. وما كان يساعد على التوصّل إليها وينمّيها من علوم وفنون لها ارتباط بتصاريف الكلام وأسرار التعبير.

وليس بيننا وبين إدراك هذه الحقيقة غير الرجوع إلى كتب أساتذتنا وتصانيف علمائنا، وعلى الخصوص ما دبَّجه يراع إمامنا الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. فقد كانت هذه العلوم جميعها بمفرداتها حاضرة في ذهنه، شاغلة عقله، مستقرة في قلبه، جارية على لسانه، سائلاً بها مدادُه. وإن وقفة تأمل فيما دَبجه قلمه لتكشف لنا عن نظريته في علم المقاصد، وعن موقفه عند استخدام أصوله وقواعده، وعن المنهجين النظري والتطبيقي اللذين يدلي بهما مرات كثيرة منبهاً وموجهاً، مناقشاً ومستدركاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>