اعتبر رجال الاقتصاد أن في مجالات التكسب ميادين تطبيقية ترعاها وتقوم بها وهي ثلاثة: التجارة والصناعة والفلاحة. وجرى على هذا التقسيم من قبل الإمامُ البخاري فيما رواه من أحاديث المعاملات. ونحن نعرض لهذه الوسائل بإلماعات تكفل الوفاء بتصورها على وجه دقيق، إن شاء الله.
[° التجارة]
إن القصد من التجارة هو تنمية المال، بشراء البضائع ومحاولة بيعها بأعلى من ثمن الشراء. إما بانتظار حوالة الأسواق، أو بنقلها إلى بلد هي فيه أنفق وأغلى، أو ببيعها بالغلاء على الآجال. وهذا الربح بالنسبة إلى رأس المال نزر يسير، لأن المال إن كان كثيراً عظم الربح لأن القليل في الكثير كثير. ثم لا بد من محاولة هذه التنمية التي هي الربح من حصول هذا المال بأيدي الباعة في شراء البضائع وبيعها، ومعاملتهم في تقاضي أثمانها، وأهلُ النصفة قليل.
وقد كان تعلق الصدر الأول من المسلمين بالتجارة يحملهم على الرغبة في هذا العمل وتقديمه على غيره من الأعمال. كانوا يفاخرون به ويتمنون القيام عليه. قال تعالى:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}(١).
حملت هذه الآية المسلمين على بذل جهودهم للفوز في الدارين الأولى والأخرى: أولاً: بالضرب في الأرض ابتغاء الرزق،