للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانياً: بالقتال في سبيل الله لنشر دينه وإعلاء كلمته. وتأول ابن مسعود الضرب في الأرض بقوله: "أيما رجل جلب شيئاً إلى مدينة من مدائن المسلمين محتسباً فباعه بسعر يومه كان له عند الله منزلة الشهداء" (١)، وقال عمر: "ما خلق الله موتة [أموتها] بعد الموت في سبيل الله أحبَّ إليَّ من أن أموت بين شعبَتَي رحلي أبتغي من فضل الله ضارباً في الأرض" (٢). والابتغاء من فضل الله في الأرض هو السفر للتجارة. قال بعض الصحابة: "تكشف هذه الآية عن فضيلة التجارة والسفر للتجر، حيث سوى الله بين المجاهدين والمكتسبين للمال الحلال" (٣).

وقد تَعرِض أسباب تُخيف الممارسين للتجارة فتحملهم على عدم الاطمئنان على أموالهم. فمن ذلك ما حذر منه ابن خلدون مما لا بد أن يقع في المعاملات التجارية كالغش والتطفيف المجحف بالبضائع، ومن المطل في الأثمان المجحف بالربح كتعطيل المحاولة في تلك المدة وبها نماؤه، ومن الجحود والإنكار المسحِتِ لرأس المال إن لم يتقيد بالكتاب والشهادة. وغَناءُ الحكام في ذلك قليل، لأن الحكم إنما هو على الظاهر، فيعاني التاجر من ذلك أحوالاً صعبة (٤).


(١) القرطبي. الجامع: ١٦/ ٥٦.
(٢) أخرج الأثر سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال عمر: ما من حال يأتيني عليها الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إليّ من أن يأتيني وأنا بين شعبتي رحلي ألتمس من فضل الله. السيوطي. الدر المنثور: ٨/ ٣٢٣.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٩/ ٢٨٥، ٢٨٦.
(٤) الفصل العاشر في: أي أصناف الناس ينتفع بالتجارة. المقدمة: ٣٩٥، المكتبة التجارية مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>