توجيهاً لعلماء العصر وفقهائه أطلق الإمام الأكبر دعوته بوجوب الاجتهاد، منبهاً إلى أن ذلك لا يتم لأحد إلا متى توافرت لديه شروط ثلاثة:
(١) أن يكون الفقيه، كما قدمنا، ذا نظر سديد في فقه الشريعة.
(٢) أن يكون متمكّناً من معرفة مقاصد الشريعة.
(٣) أن يكون خبيراً بمواضع الحاجة في الأمة، قديراً على إمدادها بالمعالجة الشرعية استبقاءً لعظمتها، واسترفاءِ خروقها، ووضعِ الهناء بمواضع النقب من أديمها.
وقد بيّن صاحب المقاصد أن الاجتهاد فرض كفاية على الأمة بمقدار حاجة أقطارها وأحوالها. وتأثم الأمة بتركه، خاصة إذا كانت متمكنة من الانقطاع إلى خدمة الفقه للعمل به في خاصة نفسها. وتأثم العامة بعزوفها عن المطالبة بذلك، وتدعو إليه من شهد له أهل العلم بذلك، كما يأثم الأمراء والخلفاء في إضاعة الاهتمام بحمل الكافة عليه (١). وقالت جماعة من الفقهاء: إن الحكم في هذا على ثلاثة أوجه:
(١) يكون الاجتهاد واجباً عينياً في حالتين:
(أ) حال من سئل عن حادثة وقعت فعلاً، وتعيّن المجتهد لبيان حكمها، وضاق الوقت بحيث يُخاف فوتُها إن لم يجتهد ويصدر حكمه.
(ب) حال المجتهد الذي تنزل به الحادثة، ويريد معرفة حكمها. فإنه يجب عليه أن يجتهد، ولا يجوز أن يقلّد غيره في حق نفسه ولا في حق غيره.