للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام، فحيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله، وأن المبحوث فيه في هذا العلم هو طلب الأخذ بالمقاصد، وتحقيق المصالح بالامتثال لأوامر الشريعة وتنفيذ أحكامها. وذلك ما تضمنه الكتاب وجاءت به السُّنة. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (١)، وقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٢).

الطريق الممهِّدة للتعرّف الدقيق على المقاصد وتعيينها:

إن المرجع في التعرّف على المقاصد وتعيينها هو الوقوفُ على الأدلة الشرعية التفصيلية وعللها أو على حِكمة التشريع التي قصد إليه الشارع. وهذان هما أولاً: الأمر والنهي الابتدائيان التصريحيان كما قدمنا. وقد جاء بيان هذا مفصلاً في قول الشاطبي: الأمر بالشيء يقتضي طلب الفعل، ووقوعُه عند وجود الأمر مقصود للشارع. وكذلك النهي، معلوم أنه مقتضٍ نفي الفعل أو الكفَّ عنه. فعدم وقوعه مقصود للشارع، وإيقاعه خلف لمقصوده (٣).

والعلم بالعلّة مثّل له الإمام بأمثلة كثيرةٍ منها: النكاح بقصد التناسل، والبيع بقصد الانتفاع بالمعقود عليه (٤)، وإقامة الحدود بقصد الزجر عن موجباتها. ويُتوصّل إلى تحديد العِلّة بمسالكها المعلومة. فإذا تعيّنت عُلم أن مقصد الشارع هو ما اقتضته تلك العِلّة من الفعل أو الترك ومن التسبّب وعدمه، وإن كانت غير معلومة فلا بد من الوقوف على ما ورد من الشارع من قطع يفيد بأنه كان قصد كذا أو كذا.


(١) سورة الفتح، الآية: ٢٨.
(٢) سورة النجم، الآية: ٣، ٤.
(٣) المقاصد: ٦٥.
(٤) المقاصد: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>