للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بيان ما يحرسها، وقف الإمام عند الوازع النفساني يبسط فيه القول، ويكشف عن أثره في تحقيق صلاح الفرد والمجتمع. ثم دعاه هذا إلى الحثّ على اكتساب العلم، مريداً من العلم هنا، ما يبثه الله تعالى من العداوة في نفوس المؤمنين لخواطر الشر الصارفة لهم عن الخير، والمردية لهم في الشرور. ولقد أنهى المؤلف عرض مباحث إصلاح الأفراد المومى إليها أعلاه بالحديث عن تعميم الدعوة للإصلاح الفردي بين المسلمين، ومجيء الخطاب بدعائم الإصلاح لسائر الناس من رجال ونساء، وبيض وسود، وسادة وسوقة (١). وكما تميز الإسلام على غيره من الشرائع بعموم الدعوة حقيقة، تميّز بعموم فروعها غالباً.

وتوجّه الشيخ ابن عاشور عقب عنايته بأحد نوعي الجنس، وحملته طبيعة البحث والنصفة للحق على أن يخص المرأة بكلمة يسيرة يبيّن فيها أوضاعها في مختَلف الشعوب قديماً، وعند العرب في الجاهلية، وما تحقّق لها من تسوية الإسلام بينها وبين الرجل في تكاليف شتى، في العديد من النواحي كالاعتقاد والعمل والآداب والمعاملات ونحوها. ومن ذلك رفع الإسلام الإصر عنها وإعلانُه عن حقوقها بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢).

[نظام سياسة الأمة]

أما أصول نظام سياسة الأمة فقد كانت ظاهرة وملموسة بمكة التي عني فيها الإسلام بإصلاح الفرد، وبالمدينة التي قامت على إصلاح الجماعة. وازدادت تجلّياً وقوة بعد أن نزلت التشريعات


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٩٦.
(٢) البقرة: ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>