للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما دعا الإمام إلى الإقبال على تجديد علم أصول الفقه ما أوحت به السُّنة النبوية الشريفة، التي عن طريقها حدّد علماء الدين والملة حقيقة التجديد وذلك ما رواه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها" (١).

[النزوع إلى التجديد عند ابن عاشور وغيره من العلماء]

التجديد للدين كما عرفه الإمام الأكبر: إرجاعُهُ إلى حالة الجِدَّة، أي الحالة الأولى التي كان الشيء عليها في استقامته وقوة أمره. وذلك أن الشيء يوصف بالجديد إذا كانت متماسكة أجزاؤه، واضحاً رُواؤه، مترقرقاً ماؤه (٢).

وعرفه من العلماء العلقمي والمناوي وأبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي وغيرُهم.

قال المناوي في تعريفه: يجدِّدُ لها دينها؛ أي يُبيِّن السنة من البدعة، ويكثِّر العلم، وينصُر أهلَه، ويكسِّرُ أهل البدعة ويذلُّهم. قالوا: ولا يكون المجدّد إلا عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة (٣).

واختار العلماء والأئمة من اعتبروهم مجدّدين، واختلفوا في اختياراتهم بحسب تصوّراتهم لما ثبت لهذه الصفوة أو تلك من أوصاف تؤهّلهم لهذه المرتبة المنيفة. ووضع الشيخ الإمام رسالة في هذا الغرض أغنى عن ذكرها هنا ما أوردناه في القسم الأول من هذا الكتاب، عند عرضنا لآثار المؤلف.


(١) دَ: ٤/ ٤٨٠، ع ٤٢٩١؛ كم: ٤/ ٥٢٢.
(٢) مقالات الإمام محمد الطاهر ابن عاشور: ٢٧٧.
(٣) فيض القدير: ٢/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>