للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ديوان بشار]

لقد عدّ الإمام الأكبر الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور بشّار بن برد أولَ المولّدين، وآخر المتقدّمين من الإسلاميين في فن الشعر. ومن أجل ذلك أبدى عنايته به. فجمع ديوانه وشرحه وحقّقه معتمداً على مواهبه وقدراته واتساع علمه ودقة معارفه. والإمام الأكبر من أول الدارسين القائمين على التعريف بالتراث الأدبي العلمي. تكشف عن ذلك مواقفُه وتعامُله مع شعر الأعشى والنابغة وبشار وغيرهم من أعلام المدارس الإبداعية في عصورهم المتعددة المتعاقبة، كما أنه من أول المحقّقين البارعين الموصوفين بالدّقة والتثبت. فهو بقية العلماء المتقدّمين الراسخين في علوم الشريعة وعلوم اللغة وسائر العلوم والفنون الأدبية.

وبشار بن برد، بعلوِّ منزلته عند علماء عصره ونقاده، وبانجذابهم إليه في كل ما استشهدوا به من أشعاره، كان حرياً بأن يحظى، بعد إهمال كبير لأدبه وشعره، بهذا العمل الجيد الفريد المتمثل في نشر ديوانه، وضمّ ما انتثر له من شعر في كتب اللغة والبلاغة والأدب والتاريخ ونحوها، وبتحقيقه التحقيق المميّز، الذي خلت منه التصانيف المحقّقة المنشورة في عصرنا الحاضر. وذلك بتفسير مادته، ونقد أبياته، ومقارنتها بأمثالها ونظائرها من كلام السابقين والمتأخرين، وبالكشف عن أهم ما أبدعه بشار في نظمه، وأشرقت به مناهجه في عرض معانيه وتصوير أغراضه، ودلّت عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>