للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[تصدير]

يتهيب الباحث والدارس لشخصية مرموقة نادرة، كشخصية شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الطاهر ابن عاشور، أن يكون ما يكتبه عنه دون منزلة من يترجِم له. وهذا أمر وعر جِدُّ متعذّر على من لم يخالطه أو يسمع عنه، أو يقرأ له ولم يتخرج به، أو ينقل عن لداته ما كتبوه من مقالات عنه وشهادات له، وهو أجنبي عن مدرسته القائمة على علمي الوسائل والمقاصد، وقوة النظر وصحة المدارك، مما خص الله به بعض عباده، فرفع بذلك درجاتهم، وجعلهم أئمة علم وأعلام هدى.

ميز الله تعالى هذا الإمام الجليل بما وفّقه إليه من التحرير والتنوير لكتابه العزيز الكريم، وبما رواه وحققه ونقده من أسانيد ومتون، أو دلَّ عليه من ضوابط وحقائق، وما حاط به سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - من بيان شامل ذاد به عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

كان رحمه الله مرجعاً في العلوم الشرعية وهي المقاصد بقدر ما كان حجةً في الوسائل والعلوم اللسانية، كما سنبيّن ذلك. وهذا بما رَزَقَهُ الله عزّ وجلّ من فقه في الدين، وعلم بفروعه وأصوله، وبما جرى به قلمه أو نشره من فتاوى دقيقة مركزة ومعللة، مبنية على العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>